أحمد يوسف*
حسرات من دفتر الغربة
أن تكون في غمرة من التوحّد
أن تكون في أنغاس آخرك
الرقيقِ وجوداً يأبى التحرّرَ منك
وفجأةً تنسل من بريق الأيام
لتهربَ صوبَ عتمةٍ مكتنزة بالألم,
لهو سقوطٌ في العدم.
آثرتُ الوداعَ بصمتٍ, دونَ دموعٍ ودونما بكاء.
سيدتي ! أنا المنفيُّ من بلاد القهر لبلاد الضياع,
أنا من نبذتني ألهة الرّعب,و رأسي أصبح مداساً لحرّاسهم,
مازال صريرُ الأبواب الحديدية يصمّ مسمعيّ, وزعيقُ السياطِ
يحفرُ في جسدِ الكرامة...
سيدتي ! يا عبق البنفسج وحزن اليمام, لكم تجور المسافات
علي, وكم تطول وتبعد عنك دروبي, أَمِن معجزة تختزل
اشواقنا؟ هل من سبيل لأعرّج به عليك؟
يستبدُّ بيَ الحنينُ إليك وانا أحصي عدد الزهور على هذه
الجزيرة, أحصي العيون اللتي ترمق غربتي بحدّة, ولغتي اللتي
تاهت بين ضجيج اللغات,
هي لغة واحدة كنت اتقنها ما من آدميٍّ يفهمها إلّاك, هي لغة
يديَّ التي تقطف فاكهة الوجود من فضّتِك,
وكذا لغةُ يديك السابحتين في ثنايا جسدي المدمّى بسياط
السَّفَلَة...
آهٍ يا أنت ...!
صغيرتي ! هنا البحرُ يأتيني كلّ صباحٍ يحملُ إليَّ صوتك
المشرقي الجميل,هنا البحر يأتيني كلّ مساء محمّلاً برائحةِ
نهديك العطِرة.
آهٍ يا عبقَ نهديك !
صغيرتي هنا الجبال تحيط بي, هنا الغابات وخواء
الأماكن,أتذكرين توقنا للاختفاء؟
اتذكرين الحلم بكوخٍ خرِب؟ سيدتي هنا الفراغ ينادي, هنا
لصمت الأماكن قدسيّة... وأبتسم.
معي أنت في كلّ قارب, تحت كلّ شجرة, على أيّ شاطئ,
قرب أيّ ساحل.
ما من حياةٍ في هذه الجزيرة,
خاويةٌ هي رغم طفح المقاهي والحانات, ايّة حياة ارتضيها دونك
سيّدتي؟
جنّة لاروس جحيمٌ حبيبتي دون إغفاءة هانئة بين ذراعيك,حياة
لاروس موتٌ دون ارتماءاتك بشغفٍ على زغب حكاياتي.
قُتِّلتُ بالحنين بنفسجتي ,فأين أنتِ؟